روايات شيقهرواية الغزال الباكي

رواية الغزال الباكي الفصل 14

اعلم ان الوصول إليگ مستحيلا..
كما اعلم ان بيني وبين بحر من الأحزان والدموع حبيبتي..
لكني ساخطو واجادف بسفينتي في اعماق احزانگ يا معذبة الوتين، وحتمًا سأصل لگ في يوم، وامسك بيداكِ واخطفگ لجزيزة العشاق…
سأجاهد في تبديل كل احزانگ، لفرحه وهناء…
فثقي بي يا محبوبتي ولو لمره ولن تندمي….
* * * * * *

الفصل الرابع عشر

لبى ردها بعد عدة محاولات قال في اقتضاب:

– نعم.

– اية نعم دي، في حد يرد على اخته بنعم، نعمه لله عليگ يا سيدي، مالگ انت كمان، مرات عمي بتشتكي منگ، أنا بصراحه مش عارفه هلاقيها منگ ولا من غزال.

ما أن سمع حروف إسمها، الرجفه تسربت لفؤاده والخوف جعل دقاته في ازدياد، فأسرع قائلا:

– مالها غزال، فيها اية يا آلاء؟

ردت عليه بحزن شديد على حالتها:

– تعبانه اوي يا أمان، ومنعت الأكل وطول الوقت حابسه نفسها، ومش كده وبس دي وصلت أنها بتكلم اللعب وهدوم ابنها.

أغمض عيناه بوجع لما اصابها، يريد أن يقف بجانبها ويساندها، لكنه لا يستطيع، فقد اشتاق لها ويريد رؤيتها بأي طريقة، فسألها هاتفًا:

– أنا عايز اشوفها بأي طريقة يا آلاء، ارجوكِ ساعديني.
– هتشوفها ازاي وبأي صفة بس؟
– مش عارف، بس اطمن عليها.
– طب انا قولت لأخوها بكره هروح اشوفها، تعالى معايا بحجه انگ هتوصلني عشان مش عارفه البيت، ومنها تطمن عليها.
– ربنا يخليكِ ليا، مش عارف من غيرگ هعمل اية؟ شوفي هتروحي على الساعة كام وبلغيني اعدي عليكِ، بس ياريت قبل ما اروح العيادة.
– خلاص تمام اتفقنا، وانت ياريت تفوق لنفسگ ولشغلگ، طنط اشتكت منگ مر الشكوى، فادي ملوش ذنب في حالتگ دي يا أمان.
– حاضر هحاول صدقيني، وبكرة كل مشاكلي هتتحل بإذن الله، بس انتِ ادعيلي بقلب جامد.
– مع اني مش فاهمه حاجة، بس ربنا يوفقگ يا حبيبي.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *

هاتف والد فؤاد “سند” حتى يطمئن على حالتها، فزداد ألما لها حين علم بما تعانية، وابلغه “محمود” بأنه حتى هذا الحين لم يستطع تبليغ ابنه بما حدث لفقدان حفيده، فالأمر في غاية الصعوبه عليه، لمح من بعيد بأنه يقوم بهذه المهمه بدلا منه، فأجابه على استحياء:

– آسف جدا يا عمي، العلاقة بيني وبين فؤاد بعد اللي حصل منه انقطعت وشبه معدومه، وبصراحه مش هقدر أني اتكلم معاه في العادي، ما بالگ أني ابلغه بمصيبه زي دي !! حضرتگ هتكون افضل مني بكتير.
– حاولت اتشجع واقوله، لكن في كل مره بيرن عليا واشوف اسمه على شاشة التليفون، قلبي بيرتعش وبدل من أني ارد عليه؛ بلاقي نفسي بكنسل، ومن يومها مكلمتهوش ولا اعرف عنه حاجة.
– كده كده يا عم محمود هيعرف، لما يعرف دلوقتي احسن من بعد كده، واعتقد يعني أن الخبر مش هيبقى صعب عليه بالصوره اللي متخيلها.
– ازاي تقول كده يا سند يابني، ده ابنه الوحيد مهما يكن، واللي طلع بيه من الدنيا.
– والله انت طيب اوي، هو لو زي ما بتقول كده، كان سافر من غير حتى ما يبص في وشه ولا يضمه لقلبه، ده ولا كان فارق معاه، بالذمه في أب يهون عليه ميشفش إبنه الشهور دي كلها، ولا يطلب من حد فينا يصوره ولا يشوفه.

صمت الأب وهو يشعر بأن كل ما قاله محق فيه، وكم مره عاتبه على ذلگ، لكن هو على ثقه انه لو علم، سيتألم قلبه لرحيله، ويندم على حرمانه كل هذه الفترة بدون ما يراه او يسأل عليه، طال صمته فقطعه “سند” حينما استشعر انه زاد من حدته عليه قائل:

– على العموم ربنا يهديه، ويصلح حاله، ويعينگ على إبلاغه.
– يارب يا سند، ادعيلي.

أغلق معه وبداخله عزم على ابلاغه في اول اتصال هاتفي يقوم به.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *

وجاء موعد ذهاب “آلاء” برفقة” أمان”، هاتفت “سند” وابلغته بأن اخاها معها من منطلق الذوق والعلم، فرحب الاخر بقدومهما، مرت دقائق وكانت تطرق باب شقتها، فتحت لهما “سمية” ورحبت بهما و لجوا إلى الداخل ملبين دعوتها بالجلوس حتى جاءت والدتها واخاها، اللذان رحبا بمجيئهما، انصرفت “سمية” لتأتي بواجب الضيافة، بينما قالت “آلاء” مستفسرة عن حالتها الآن، فأجابت الأم:

– زي ما هي يا بنتي، على حالتها، بتبكي ساعات طويلة في صمت، وشوية نسمع صوتها وهي بتكلم صوره على تليفونها بتنادية يجلها او تروحله كفالله الشر، والنوم مش بتنام الا ساعات قليلة أوي، وبطلوع الروح لما تاكل حاجة بسيطة كده.

ادمعت كل الأعين من أجلها، ونهضت وقالت طالبه لها بالدخول لها، وضعت “سمية” كاسات العصير وتقدمت نحو غرفتها، وحين اقتربت من الباب سمعتها رادفة بصوت باكي:

– نام.. نام يا حبيبي .. نام وادبحلگ جوزين حمام… نام يا روح ماما وإحلم بالمنام..
الفراشة في الهوا والطيور في السما
الغزال والحمام يغنولك نام.. نام

فتحت الباب لتراها محتضنه ملابسه داخل احضانها ومردده بهمس اغنيتها، وفي عالم اخر غير مستوعبه بمن حولها، فهي ما زالت تحيا على ذكرى وليدها، ضمت ملابسه و وضعتها برفق على فراشه، ظنًا وخوفًا من استيقاظة، ثم دثرت الثياب بالغطاء، وقبل أن تنظر لهما نادت لها “الآء” قائلة:

– غزال بتعملي اية يا حبيبتي؟

اقترب منها ورفعت سبابتها على ثعرها قائلة بصوت هامس:

– هششش وطي صوتگ يا دكتورة، انا ما صدقت شادي ينام، مغلبني حبيبي من إمبارح اصله يا قلب امه كان تعبان، تعالي نخرج بره.
– فوقي يا غزال، حرام عليكِ اللي بتعمليه في نفسگ ده؟

نظرت بتعجب غير مستوعبه لقولها، فسألتها:

– بعمل اية مش فاهمه تقصدي اية؟

تقدمت نحو الفراش، وازاحت بيدها الغطاء الذي دثرته على ثيابه، لم تتحمل “غزال” ركضت نحوها، وهي تصرخ بأن تترگ صغيرها نائم، فـ ازاحت بيدها بقوة، سحبتها الأخرى وامسكت بالثياب قائلة وهي تهز هذا الثياب رادفة:

– فوقي يا غزال، اللي مغطياه هدوم شادي، شادي خلاص ربنا استرد أمانته، استعوضيه للذي لا تضيع ودائعه، بلاش تعيشي في الوهم، وفوقي الكل بره قلبهم بيتألم من وجعهم عليكِ.

وقفت تبكي وتهز رأسها بنفي، رافضة سماع اي حديث مما قالتة، هزتها “الآء” كتفها بعنف لتفيقها مما فيه، مردده حقيقة موته، وضعت يدها على اذنيها تخرس صوتها، لكنها ازاحت يدها و واجهتها اكثر من مره، صرخت في وجهها وتمسكت بملابسه تقبلها بجنون هاتفة بين شقهقاتها:

– لا متقوليش كده، شادي عايش وهيفضل طول عمره عايش.. وهو اللي هيدفني مش أنا… هكبره لحد ما يبقى راجل واجوزه ست البنات وافرح بيه… ليه بتقولي انه راح؟ انتي مش عارفه انا بحبه اد اية؟

اشفقت عليها وضمتها بحب وقالت لها مواسيها:

– شادي هيفضل طول العمر جوه في قلبگ، وعمره ما هيموت لأن كل نبضه بيدق بيها قلبگ هو ساكنها، الدنيا مش هتقف ابدا لو فقدنا حد غالي، لازم هتمشي، اه هنتوجع اوي عشان محرومين منهم، لكن مع مرور الوقت هتكون ذكرى حلوة بتذكرها كل ما بنفتكركم، ارضي بقضاء الله يا غزال عشان ترتاحي، انتي لو استمريتي بالشكل ده هتصابي بالجنون… ليه بتهربي من الواقع؛ للخيال وبتبني قصور في خيالگ متمسش للواقع بشيء.

سكتت للحظة حين ادركت ما قالته لها، فهذا الكلام كم تحدث به والدها واخاها للتخفيف عنها، وهي رافضة تماما وغير مصدقه لما يقولان، فلماذا إذن تقوله لها؟ وهي لا تستطيع تنفيذ حرف واحد منه، شردت قليلا واستفاقت حين باغتتها بقول ما اسكب على قلبها سولار لتزداد النيران في احتراقها حين قالت:

– مش قادرة والله حاولت اتقبل الواقع المرير مقدرش.
– طالما انگ واعية للحقيقة المُره دي، يبقى انتِ في كامل قواكِ العقلية، واللي حصل ده اسمه هروب واستسلام، بتهربي من حقيقة موته؛ بأنگ عايشه في الوهم، وتتخيلي أنه لسه عايش وبتكلميه، وده لو استمريتي فيه هيوصلگ لطريق ربنا وحده عالم ازاي هتخرجي منه، حرام عليكِ امگ واخوكِ بره قلبهم هيتفطر عليكِ، غزال انتي جربتي وجع فقدان الضنا، فشفقي بحالة مامتگ اللي قلبها بيبكي عليكِ.
– انتوا ليه محدش حاسس بالنار اللي في قلبي؟
ليه كلكوا بتطلبوا مني المستحيل، أني اعيش عادي أكل واشرب وحتة من قلبي وأول فرحتي ماتت ومش هترجع تاني؟!
انتي مجربتيش يعني اية تتحرمي من اكتر شخص روحگ فيه.

قالت “غزال” حديثها بانهيار شديد وانفعال أشد غير مسيطرة على حروفها التي تبعثرت وأودت مثل قلبها وروحها اللذان دفنا مع صغيرها، فـ رمقتها “الأء” بوجع وحزن شديد تجلى على صفحة وجهها، وجلست على المعقد، واغمضت عيناها للأسوء ذكرى محفوره بداخلها وقصت عليها مأساتها منذ سنوات.
* * * * * * *

كان “أمان” جالسًا يرتشف العصير، يريد ان يبدأ حديثه ولكنه لا يعرف من أين يبدأ، ظل مرتبگ ومتوتر، شعر به “سند” بأنه يريد التحدث ولا يستطيع، فتنحنح وقال:

– اتفضل اتكلم يادكتور أمان، حاسس انگ عايز تقول حاجة ومتردد؟

جفف العرق المتساقط من جبينه، ونظف حلقه وقال بصوت هامس:

– بصراحه كنت عايز افاتحگ في موضوع مهم.

نهضت الأم من مجلسها، فأوقفها بيده “أمان” قائل بترجي:

– خليكِ قاعده يا طنط، الموضوع يهم حضرتگ.
– يهمني انا ازاي يا بني؟
– أقصد يهمنا كلنا.

قال “سند” طالبًا منه توضيح حديثه بصوره أوضح، فقال له:

– انا عارف أن اللي هطلبه في التوقيت ده مش مناسب، لكن أنا راجل بحب ادخل البيت من بابه، ونفسي يتوافق على طلب ايد مدام غزال.

التف “سند” ينظر لوالدته التي تهلل اسارير وجهها سعادة، كاد ان يجاوبه لكنها من شده الفرح لبنتها نست كل الوجع في لحظة قالت له:

– والله يا دكتور ده يوم المنى، انت نعم الراجل اللي هأمن على بنتي معاه، لكن هي حاليًا مش هتقدر تاخد قرار، كل مشاعرها حزينة ومجروحه، دي يا قلب امها لسه يا دوب بتتخطى جرحها من ظلم جوزها، وجت الضربه دي اللي وجعت قلوبنا كلنا.
– وعشان كده أنا حبيت افاتحكم بنيتي، مقدرتش اخبي عنكوا مشاعري لحد دلوقتي، نفسي اكون انا البلسم اللي هيطيب بخاطرها، واساعدها تعدي الازمه دي على خير.

تنحنح “سند” وقام بتحريك منظاره الطبي على عيناه، وقال بتسائل:

انت شايف يا دكتور أمان الوقت مناسب للخطوة دي؟
– عارف أنه مش مناسب، بس على الاقل أكون واقف معاها بمعرفتكوا طبعا، مش من ورا ظهركوا في الخفى، اقدر اجي اطمن عليها إذا سمحتوا يعني، اتصل بيها او بيكوا، انت متتخيليش يا سند الأيام اللي فاتت مرت عليا ازاي وأنا حاسس بوجعها وعذابها وأنا متكتف مش قادر لا أقرب ولا امسح دمعتها.

قال “أمان” حديثة بكل وجع وتأثر صادق شعر به كل من الام والأخ، اومأت بعيناها الأم تحس إبنها على موافقتها ربما يكون فعلا هو العوض الذي سيجعل بريقها يزدهر وتتورد من جديد، فقال وهو يربت على ساقه:

– انا مصدقگ يا دكتور وشرف لينا انگ تكون فرد من العيلة، واحنا معندناش مانع في قبول طلبگ، والرأي الأخير لغزال، هي صاحبة القرار، وزي ما انت عارف ده مش هيكون ابدا في الفتره الحالية.

سعد جدا لقوله، فرد بحماس شديد:

– عارف طبعًا، وربنا يقدرني أني اخليها تجتاز الفترة الصعبه دي، وتسترد ثقتها بنفسها من تاني.

صمت لحظات واكمل بهيام وعشق:

– أنا ثقتي في الله كبيرة اوي، والحب اللي جوايا من ناحيتها قادر يمسح اي حزن جواها ويبدله لفرحه وسعادة، اوعدكم اني هعمل كل اللي في وسعي عشان امحي كل ذكرى وحشة مرت بيها، بس في حاجة كنت عايزكم تعرفوها عني.
– خير يادكتور.
– خير، انا أرمل زوجتي توفت من سنوات، وسابت ابني فادي صغير.

اندهشان ونظر لبعضهما في صمت، ثم رد عليه:

انت شرف لاي بيت يا دكتور، واللي فيه الخير ربنا يقدمه.

تبدلت فرحته لخوف من احتمالية رفضهما بعد ما جد وقصه عليهما.
ظل الصمت سائد بينهما.

انهت قصتها “آلاء” فـ تبدلت في لحظة الأدوار وأصبحت “غزال” هي من تواسي “آلاء” في الآمها، فعانقتها بحب وكل منهما يفرغ في احضان الاخر همومه واحزانه.
استمر الحال حتى تداركت نفسها وقالت لها وهي تجفف ادمعها:

– شوفتي بقى أنا جاية اهديكِ خلتيني احكيلگ قصتي، تعالي يا غزال نحاول نتخطى احزانا، و اوعديني انگ ترجعي لحياتگ من تاني، وتبدأي من جديد، وتهتمي بنفسگ زي ما كنتِ بتعملي.

كانت “الآء” تقول كلماتها وصوت داخلي يسألها هل انتِ تصدقين ما تقولينه؟ هل تستطيعين تنفيذ هذا الوعد وتبدأي من جديد، مع شخص أخر غير زوجگ الراحل؟
جاء صريخ فؤادها المتحرر يعلن عن وجوده والآمه بالرفض التام، اغمضت عيونها تتمالگ روحها، وانتظرت ردها الذي جاء بهمس:

– اوعدگ أني هحاول، وربنا يقدرني ويصبرني.
– ربنا يصبرنا كلنا يا حبيبتي، ممكن بقى نخرج عشان نطمنهم كلهم عليكِ، ده أمان صحيح بره؛ جه مخصوص معايا يوصلني ويطمن عليكِ.
– كتر خيرة، والله مش عارفه اودي جمايلة فين، مسبنيش من وقت ما حصل اللي حصل.

اقتربت منها وربتت على اكتافها بحنان قائلة بابتسامة:

– ولسه هيقف اكتر واكتر، وعلى قلبه زي العسل، بس انتِ اسمحيله انه يقرب.

رفعت حاجبها بتعجب، فلم تستوعب قولها فسألتها عن مقصدها فأجابت بتهرب:

– أقصد أنه متعاطف معاكِ اوي وقالي لازم كلنا نقف جنبك، وكان بيتمنى انگ تسمحيلة أنه يقرب.
– اااه فهمت، كتر خيره.

فتحت بابها المغلق، وفتحت بداخل قلبه طاقة نور مستبشر من نظرتها برغم الوجع الساكن جفونها، ملامحها تغيرت، الحزن جعلها اصبحت هذيله، فاقده للكثير من وزنها، وعندما قامت والدتها باحتضانها بقوة كأنها غابت عليها لسنوات، تمنى ان خطواته تسبقها ويضمها بداخله ويرحل معها لعالمه الذي سيغمرها بكل الحب والعشق الذي يكنه، ظل على حالة التمني وفاق على صوت الأم قائلة:

– الف بركة حبيبتي، حمدلله على سلامتگ يا قلب امگ، كلنا معاكِ يا غزال وهتعدي كل حاجة وهتبدأي من تاني وانتِ واقفه على رجلگ، واثقة من نفسگ، بالحب يا بنتي كل الصعوبات هتعدي مهما كانت.

قال “أمان” وهو ينظر لها بحب شديد وبنبره حانية مترجية:

– ازيگ يا مدام غزال، يارب تعدي الفترة الصعبه دي على خير، وياريت ترجعي تاني تنوري العيادة ونكمل اللي بدأناه تاني.

اومأت بعيناها له، وقالت بمجاملة له:

– بإذن الله يا دكتور أمان، وشكرا لتعب حضرتگ معايا.
– مفيش تعب ابدا، وكلنا معاكِ هنا عشان نسندگ، والارادة القوية هتجتازي أي ألم و وجع.
– أن شاء الله، ربنا ميحرمنيش من دعمكم ليا يارب، بس انا ليا طلب.
– امري أمر يا حبيبة اخوكِ وانا انفذ مهما يكون.
– حبيبي يا خويا، عايزة اسيب الشقة هنا، مش قادرة اقعد فيها وكل مكان فيه ذكرى مؤلمه، مش هتحمل افضل هنا.
– غالي والطلب رخيص، بكره سمية تساعدگ تلمي هدومگ وتروحي شقة ماما تقعدي فيها لحد ما تقرري هتعملي اية هنا.
– ياريت اي مكان بعيد عن هنا، أنا كرهت كل ركن فيها، بقيت احس بخنقة، عمري ما شوفت فيها يوم حلو، اللي كان بيهون عليا بس هو…

وهنا لم تستطع نطق حروف اسمه، تسابقت دموعها التي انسابت في صمت، لكن هذه المرة هي من جففتها.
اقتربت منها “الآء” و ودعتها بعد أن أثنت على طلبها الذي كانت قالته من قبل وهي الآن من طلبته، فهو خطوة هامه في علاجها و وقوفها على قدميها بقدم ثابته هذه المره.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *

خرج “فؤاد” من المشفى بعد مكوثه بداخلها عدة أيام، توجه لمقر عمله يقدم اجازة طويلة حتى يتخذ قرار فيما ينوي فعله، بعدما اصبح من اصحاب الملايين، وافق مديرة بعد ما علم بحالته، تركه وذهب لمنزله، وعاود الإتصال بوالده الذي رد عليه حين سمع رنين هاتفه، فقد عزم على ابلاغة بالأمر، وحين اتاه رد قال “فؤاد” بلهفة واضحه في صوته:

– خير يا بابا بقالي كتير بتصل عليگ مش بترد خالص عليا؟ قلقتني صحتگ كويسه.

رد الأب بنبره حزينة بتوتر وتلعثم في الحديث:

– أنا كويس يا بني متقلقش، بس كان في ظروف كده شغلتني شويتين.
– ظروف اية؟ انت مخبي عني اية ومتردد تقوله؟
– بصراحه اللي هقوله صعب اوي وثقيل عليا أني انطق بيه يا فؤاد، لكن ارادة ربنا ملناش دخل فيها، وربنا يصبرگ.

انقبض قلبه بشدة، فهو ليس في حمل سماع أي اخبار سيئة، فكفى ما فيه من هم وغم، لكنه تجمع شتات افكاره المبعثرة، ولا يعلم لماذا اتت به افكاره للتو لزوجته السابقه فقال:

– غزال فيها حاجة حصلتلها؟
– لا مش غزال، ده.. ده..
– امال مين يا حج حرام عليگ بلاش الغاز، ارحمني انا فيا اللي مكفيني مش ناقص.

نطق اباه بسرعة السهم الذي خرج من قوسه، فأصابه للحين عندما ردد حروف اسم إبنه، فصرخ “فؤاد” مستفهما:

– ماله شادي، جراله أية؟
– البقاء لله.

ياترى رد فعله هيكون اية؟
وهل أمان هيقدر يخرج غزال من حالتها؟ وهل هتتقبل قربه؟
للإجابة على تلگ الأسئلة تابعوني في روايتي الجديدة المتواضعة
“الغزال الباكي ”

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

رواية ما تخبأه اقدرانا الحلقه الثانيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى